وصف المدون

إعلان الرئيسية



"قراءة وتدبر"

الكاتب والباحث: عبد المنعم إبراهيم

يقول رب العزة في محكم التنزيل: ﴿وَهُوَ الَّذي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الأَرضِ إِلهٌ وَهُوَ الحَكيمُ العَليمُ﴾ [الزخرف: ٨٤]

في أحد الجلسات كان السؤال يدور حول مغزى تكرار كلمة (إله) في الآيه السابقة، وعما إذا كان هذا التكرار يشير الى وجود الهين مختلفين، واحد في السماء، وآخر في الأرض، أم ماذا؟

بطبيعة الحال فإن الفطرة، والمعتقد ينكران ذلك الإختلاف، وبديهيات ومسلمات العقيدة والتوحيد تقران بأن الإله واحد، سواء في السماوات ، أم في الأرض ، ومن يعتقد خلاف ذلك دخل في (خطر الشرك)، ولكن كيف السبيل الى إزالة الغشاوة واللبس، وتوضيح مغزى التكرار، سيما وأن (اللغة) قد أشارت الى ان النكرة إذا تكررت في جملة مرتين كانت إحداهما مختلفة عن الأخرى، وفي الآية جاءت كلمة( إله) مرتين منكره، فما هو المخرج من هذه المعضلة؟! بالتدقيق في الآية نجد أن كلمة (الذي) شكلت المفتاح والحل، ولكن هذا يحتاج الى تحقق، وأنا أتحرى ذلك، وجدت أن أهل اللغة يخبرون بأن (الذي) إسم موصول، وكلمة( إله) صلة الموصول ، بهذا الشكل وبوجودها في الآية قد حولت النكرة الى معرفة، وهكذا كُسرت القاعدة، ووضحت أنه إله واحد، لمعبود واحد، وهو الله.

لم ينتهي الحديث عند هذا الحد، فقد دفعني الفضول للبحث عن سبب تكرار كلمة( إله) في الآية، سائلاً نفسي لمَ لم يأتي اللفظين في عبارة واحدة، كأن يقول ( وَهُوَ الَّذي فِي السَّماءِ والأَرضِ إِلهٌ)، فقلت لعلي أجد عند المفسرين إجابة، ولكن بكل اسف لم أجدها، على أقل تقدير لم أجدها عند من إستمعت اليهم، فجميعهم سلطوا الضوء على إسم الموصول، وصلة الموصول فقط، وردوا صلة الموصول لإسم الموصول وهو الله، وهذا صحيح، ولكنهم لم يتطرقوا الى دلالة تكرار لفظ إله في السماء، وإله في الأرض، بل إن بعضهم إستعان للتشبيه والمقاربة بالآية:﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الأَرضِ يَعلَمُ سِرَّكُم وَجَهرَكُم وَيَعلَمُ ما تَكسِبونَ﴾ [الأنعام: ٣]، وهذا تشبيه ومفارقة غير صحيحة، فهذه الآية تتعلق بمقام الربوبية والملكوت وليس مقام الألوهية والعبودية، ولو نظرنا لسياق الآيات التي سبقتها، والتي تلتها لوجدنا الدليل، فكلها تتناول مقام الربوبية، الذي لا يملكه إلا الله، وساحته الطاعة والإمتثال والتسليم، ولا إجتهاد ورأي لأحد من البشرية فيه، ويتعلق بخلق السماوات والأرض، وخلق الظلمات والنور، وخلق الإنسان، والموت والحياة، وجميع الآيات الكونية، وهذا المقام كان قد أشهدنا الله عليه ونحن في أصلاب آبائنا، ﴿وَإِذ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَني آدَمَ مِن ظُهورِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَأَشهَدَهُم عَلى أَنفُسِهِم أَلَستُ بِرَبِّكُم قالوا بَلى شَهِدنا أَن تَقولوا يَومَ القِيامَةِ إِنّا كُنّا عَن هذا غافِلينَ﴾ [الأعراف:172].

أما الآية الأولى مناط هذا البحث فهي تتعلق بمقام الألوهية والعبودية، والتي ساحتها المحرمات، والقيم، والشعائر، فرب العزة يريد أن يبين لنا أن عبادة أهل السماوات"الملائكة" مختلفة عن عبادة أهل الأرض، فالملائكة عباد مكرمون، في غاية الطاعة لله قولا وفعلا، مخلوقون من نور، لا يتناسلون، لا يأكلون، ولا يشربون، ولا ينامون، وليس لهم شهوات، فلا يعصون أمراً لله، ولا يتكلمون، ولا يعملون عملاً إلا بما يأمرهم به ربهم، منهم حملة العرش، ومنهم الرسل، ومنهم الساجدون، وهم مأمورون بالعبادة والتسبيح، هنا جاءت الآية لتخبرنا بأن عبادتهم وتسبيحهم لا يشابهها عبادة وتسبيح، البشر، فالبشر فيهم الأجناس، وهم يتناسلون، يطيعون ويعصون، ينامون ويدبون على الأرض، ويملكون حرية الإختيار، وخلافة من الصفات، من هنا جاءت الآية ﴿وَهُوَ الَّذي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الأَرضِ إِلهٌ وَهُوَ الحَكيمُ العَليمُ﴾ [الزخرف: ٨٤] متعلقة بمقام الألوهيه والعبودية، لتبين الفرق بين العبادتين، عبادة أهل السماوات، وعبادة أهل الأرض.

أحبتي: إن خانني التعبير، فلا يخون أحدكم التفسير، فمن رأى في كلامي نقصاً أوخطأً، فليـهدني الصواب،
ومن كان لديه علم فليرشدني إِليه، فالقدسية ليست للكلمات، بل للمعاني والدلالات الصحيحة، والآثار الطيبة،

الله من وراء القصد


        تابعنا على صفحة " فيسبوك"

             👇👇 


https://www.facebook.com/Dirdctions7

        تابعنا على صفحة " تويتر"

             👇👇 

 

       تابعنا على حساب " تيليجرام"

                     ..👇👇



 

ليست هناك تعليقات

رأيكم مهم وهو دعم منكم لنا

إعلان أول الموضوع

إعلان وسط الموضوع

إعلان أخر الموضوع

Back to top button