فقد وردت( إن ) في القرآن الكريم عندما كان الأمر بعيدًا عن اليقين, محتملًا للشك. وقد وردت (إذا) عندما كان الأمر مؤكداً, ولا شك في حصوله.
(إستخدامات عامه)
( إنْ ) أداة جزم , غالباً تستعمل في الأمور غير المؤكد وقوعها, وحصولها غير حتمي,,, كأن نقول"إنْ زرتني سأكرمك" فالكرم هنا مرهون بالزيارة, ولكن تبقى الزيارة غير حتمية, وغير مؤكده, فقد تحدث, وقد لا تحدث.
( إذا )
أداة شرط, في الغالب تستخدم في الأمور المؤكدة, وحتمية الحدوث, كأن تقول : إذا ذهبتَ للجامعة فأبلغ سلامي لصديقي [فلان]، الذهاب للجامعة هنا حتمي، وواقع، وإبلاغ السلام مرهون بالذهاب.
(استخدامات القران الكريم)
(إذا)
من الأمثلة الدالة على إستخدامات (إذا) كل ما ورد فيما يتعلق بيوم القيامة, واليوم الآخر, والبعث, وإنشقاق القمر, والجنة والنار, والحساب والعذاب... الخ, جميعها جاء التعبير عنها بأداة الشرط ( إذا ) ولم يأتِ "البته"بـ( إنْ ) , ذلك لأنها جميعاً متحققة الوقوع , كما قال تعالى " إذا وقعت الواقعة "," إذا السماء إنفطرت " ," إذا السماء إنشقت "," فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة"
الآيات في ذلك كثيرة جداً,,, لنا أن نتأمل بعضها في سورة التكوير, فجل أياتها بدأت بالأداة (إذا), ذلك أن الفعل الذي تلاها حتمي الحصول.
إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ (1) وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتۡ (2) وَإِذَا ٱلۡجِبَالُ سُيِّرَتۡ (3) وَإِذَا ٱلۡعِشَارُ عُطِّلَتۡ (4) وَإِذَا ٱلۡوُحُوشُ حُشِرَتۡ (5) وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ سُجِّرَتۡ (6) وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتۡ (7) وَإِذَا ٱلۡمَوۡءُۥدَةُ سُئِلَتۡ (8) بِأَيِّ ذَنۢبٖ قُتِلَتۡ (9) وَإِذَا ٱلصُّحُفُ نُشِرَتۡ (10) وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ كُشِطَتۡ (11) وَإِذَا ٱلۡجَحِيمُ سُعِّرَتۡ (12) وَإِذَا ٱلۡجَنَّةُ أُزۡلِفَتۡ (13) عَلِمَتۡ نَفۡسٞ مَّآ أَحۡضَرَتۡ (14) فَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلۡخُنَّسِ (15) ٱلۡجَوَارِ ٱلۡكُنَّسِ (16) وَٱلَّيۡلِ إِذَا عَسۡعَسَ (17) وَٱلصُّبۡحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ (19) ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي ٱلۡعَرۡشِ مَكِينٖ (20) مُّطَاعٖ ثَمَّ أَمِينٖ (21) وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجۡنُونٖ (22) وَلَقَدۡ رَءَاهُ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى ٱلۡغَيۡبِ بِضَنِينٖ (24) وَمَا هُوَ بِقَوۡلِ شَيۡطَٰنٖ رَّجِيمٖ (25) فَأَيۡنَ تَذۡهَبُونَ (26) إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرٞ لِّلۡعَٰلَمِينَ (27) لِمَن شَآءَ مِنكُمۡ أَن يَسۡتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ (29)
أدلة أخرى...
قال تعالى : {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} (1)سورةالنصر
في هذه الآية إستخدم الله تعالى أداة الشرط(إِذَا) ذلك لأن النصر مؤكد وحتمي.
قال الله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} (34) سورة الأعراف.
في هذه الآية إستخدم رب العزة الأداة (إِذَا) لأن الحديث يدور عن الآجال, التي حتما هي مقضية, فلو سبقها الأداة ( إنْ ) وهذا "إفتراض" لأصبح أمر قضاء الآجال نسبي وغير حتمي, وهذا مخالف لسنن الله, ( الله لا يخالف كلامه قضاؤه)
وقال تعالى : {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا} (45) سورة فاطر,,, هذه الآية تأخذ نفس الحكم, حيث تتحدث عن حتمية الأجل المسمى.
إستخدام ( إنْ )
في الآية التالية:
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ إنقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ... الخ} (144) سورة آل عمران) .
في الآية السابقة إستخدم رب العزة أداة الشرط ( إنْ ) لوجود إحتمالين لوفاة الرسول وليس واحد, ( الموت أو القتل ), فلو كان قد حدد إحتمال واحد بعينه لإستخدم الأداة (إِذَا), هنا قد يسأل سائل إذا كان الموت متحقق في الحالتين, لمَ إستخدم الله أداةالشرط(إنْ)؟ أقول وبالله المستعان,هذا صحيح, ولكن الحديث هنا يدور عن الحالة أو الطريقة التي تغادر فيها النفس, وليس عن الموت بحد ذاته، فالموت هو خروج النفس، يتبعها فناء الجسد، أما القتل فهو فناء الجسد يليه خروج النفس.
قال تعالى: (فَإنْ خفْتُمْ أَلَّا تَعْدلُوا فَوَاحدَةً) [النساء: 3].
وقوله سبحانه: (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إنْ كُنْتُمْ صَادقينَ) [البقرة: 111].
وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذينَ آَمَنُوا إنْ جَاءَكُمْ فَاسقٌ بنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصيبُوا قَوْمًا بجَهَالَةٍ فَتُصْبحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادمينَ) [الحجرات: 6].
عندما تجتمع الأداتان(إِذَا - إنْ)في سياق واحد..
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ} [2: 180]. في هذه الآية جاءت "إذا" قبل لفظة الموت، ذلك أنه محقق وحتمي، أما (إن) سبقت كلمة الوصية الغير حتمي تحقيقها، ذلك أن هناك خيار آخر لنقل الثروه، وهو توزيع الإرث.
قال تعالى : {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} (36) سورة الروم,,, يخبرنا رب العزة في هذه الاية أن الرحمة مؤكدة وحتمية, وأن السيئة غير مؤكده الحدوث الا إِذَا إقترنت بما يقترفه الانسان ( إِحتمالين), تماماً كما في الآية التالية:{وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ إسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ} (6) سورة التوبة, ذلك لأن الاستجارة في هذه الحالة ليست حتمية الحدوث, فقد تتم, وقد لا تتم .
أكتفي بهذا القدر , وأسأل الله أن ينفعنا بما علَّمَنا إنه سميع مجيب.
أخيراً :
أحبتي: إن خانني التعبير، فلا يخون أحدكم التفسير،
فمن رأى في كَلَامِي نَقصاً أوَخَطَأً، فَليـُهدِني الصَّوَاب،
ومَن ڪَانَ لديه علم فَليرشدنَي إِلَيه، فالقدسية ليست للكلمات، بل للمعاني والمقاصد،والله من وراء القصد
#أفلا_يتدبرون
👇👇
👇👇

رأيكم مهم وهو دعم منكم لنا