وصف المدون

إعلان الرئيسية



 "لحظات فارقة، وناقوس يَدُق"


الكاتب والباحث: عبد المنعم إبراهيم

محاور المقال:


1_ المعركة السياسية.
2_ المملكة السعودية في قلب العاصفة.
3_ مشروع"نوبك"
4_"السندات الأمريكية المملوكة للسعودية.
5_التقارب السعودي_ الروسي.
6_ الإنتخابات الأمريكية النصفية.
7_ روسيا والتحالف الجديد، والرهان على الزمن.

بالتوازي مع الأحداث العسكرية الدائرة على الأراضي الأوكرانية، هناك مواجهة سياسية ودبلوامسية تدور رحاها على أكثر من صعيد ، فمن جهة هناك مواجهة سياسية مشتعلة بين روسيا وأمريكا، على خلفية العملية العسكرية في أوكرانيا، ومن جهة أخرى، تبدو ملامح خلافات بين الحليفين السعودي والأمريكي، على خلفية إمتناع الرياض الإنصياع لطلب بايدن رفع مستوى الإنتاح النفطي، ما تسبب في تراشق إعلامي بين الطرفين، قد يخلف إخلالاً في ميزان العلاقات السياسية والدبلوماسية، ويغير من خارطة المصالح المشتركة يوماً ما، أما فيما يتعلق بالعلاقات الروسية الصينية، فعلاقة البلدين تسير وتتعزز بصمت، دون أي ضجيح إعلامي، في جميع المجالات العسكرية والسياسية والإقتصادية والتكنولوجية"، وهذا ما صرح به الرئيس بوتين في غير مرة، ومن الملاحظ أن البلدان يسيران ضمن محور واحد يتعزز، وتتسع رقعته يوماً بعد يوم، قد تشمل بلدان أخرى، من خلال الإنضمام لمجموعة "بريكس" التي تضم كلا من( البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا).

في ظل هذا المشهد الدراماتيكي الذي ينذر بتغيير ملامح اللعبة الدولية، ويحرك قواعد التحالفات، بات كل طرف "خصم"من أطراف هذا المشهد يراهن على عامل الزمن والحلفاء، لتحقيق أهدافه السياسية، فروسيا على سبيل المثال تستخدم الطاقة كأداة لتمرير سياساتها، ولتحقق أهدافها، وهي تعلم مدى حاجة الغرب لها، وتراهن على عامل الزمن ، ليسجل الغرب إنْحِناءةَ لموسكو، وعلى الوجهة الأخرى هناك رهان روسي على خسارة الرئيس بايدن وحزبة الأغلبية في الإنتخابات الأمريكية النصفية، أما الرئيس الأمريكي "بايدنن"من جهته يعمل جاهداً لتخليص نفسه وحزبه من هذه المعضلة المركبة، على وقع الحرب الأوكرانية، والدعم الذي بات يستنزف الموارد الأمريكية، ويستفز دافعي الضرائب الأمريكيين، وكذلك الأمر يتعلق بالداخل الأمريكي، الذي يشهد حالة من التضخم، والغلاء، بسبب مشاكل الطاقة، فهذه الأزمات المتتالية باتت تهدد مستقبل بايدن، وحزبه، ما دفعه للتوجه نحو القيادة السعودية والإماراتية لطلب رفع مستوى الإنتاج النفطي لإحتواء هذه الأزمات، والحد من تداعيات الأسعار المشتعلة في الداخل الأمريكي، ولكن الرد السعودي والإماراتي لم يأتيان على هوى بايدن وحزبه، ما تسبب في حرج كبير له ولساسة البيت الأبيض، ليأتي بعد ذلك قرار ( اوبك + ) بخفض الإنتاج ، ليشكل صدمة لإدارة بايدن، ويز يد طينتها بله، ما تسبب بموجة غضب في أوساط فريقه، تجاه "أوبك"والقيادة السعودية تحديداً، لطالما وُصفت الرياض بأنها حليفة الولايات المتحدة، وتتمتع بحمايتها ودعمها، وهي الدولة الأكثر إنتاجاً وتأثيراً في (أوبك+).
لقد جاء الرفض السعودي، وقرار (أوبك+)في توقيت حساس جداً بالنسبة لبايدن ومستقبله السياسي على الصعيدين الدولي، وما يتعلق بحالة الإشتباك مع الجانب الروسي، على خلفية العملية العسكرية في أوكرانيا، وعلى الصعيد الداخلي الذي يشهد أزمات إقتصادية، في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو إنتخابات التجديد النصفي للكونغرس، وتعويل الرئيس بايدن عليها .

هذه الإنعكاسات دفعت بايدن بعد فشل جهودة للسيطرة على موجهة التضخم، وإقناع السعودية بزيادة الإنتاج النفطي للجوء الى إتخاذ قرار بسحب عشرات ملايين البراميل النفطية من الإحتياطي الأمريكي، لسد العجز ، وللتخفيف من وطأة غلاء الأسعار، إلا أن ذلك لم يغير شيء من أصل المعضلة، ما تسبب في تجدد النقمة على قيادة الرياض تحديداً، تمثلت في مطالبات بعض الأوساط الديمقراطية لتجميد التعاون العسكري مع السعودية، ووقف مبيعات السلاح لها، ووقف التعاون الأمني معها، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أن هناك تحركات داخل الكونجرس الأمريكي بحسب تسريبات ذكرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" أن هناك توجه نحو تفعيل قانون(NOPEC)
الذي يسمح برفع قضايا احتكار ضد منظمة(OPEC)،
ويمنح صلاحيات للرئيس بايدن بفرض عقوبات على أعضاءها، وهذا يعني أن السعودية كأحد أعضاء هذه المنظمة ، ستكون عرضة للعقوبات بحسب هذا القانون، ليأتي تلويح الرياض بحسب نفس الصحيفة، بإتخاذ خطوة معاكسة، حيث وجه المسؤولين السعوديبن لم تذكر الصحيفة أسماؤهظ تحذيراً إلى إدارة الرئيس جو بايدن، بأن الرياض قد تلجأ إلى بيع سندات الخزانة الأميركية، التي تملكها الرياض، والتي تقدر قيمتها ب120 مليار دولار، في حال أقدم الكونغرس الأمريكي على تفعيل قانون"نوبك" ضد الرياض، ما يعني خلق أزمة إقتصادية عميقة للولايات المتحدة، في حال حصل ذلك فعلياً.

(بايدن ومحاولات النجاة)


يحاول فريق بايدن اللعب على كل الاوراق ، وإستخدام جميع وسائل الضغط على الأطراف ذات العلاقة بالمشهد، ويسارع الخطى لتسجيل الأهداف في صحيفتة قبيل الوصول للإنتخابات النصفية ، التي ستحدد ملامح ولايتة الرئاسية المتبقية، والمساحة التشريعية لحزبة، والهامش القانوني الذي يمكنه كرئيس من إتخاذ القرارات الخارجية المتعلقة بالدعم الأمريكي العسكري والمالي .

قد تبدو صورة المشهد الى حد ما "سيريالية" ، على وقعها تبدو حظوظ بايدن خلال التجديد النصفي في مهب الريح، فإدارته أولاً لم تحقق أي إختراق على الجبهة الأوكرانية، ولم تستطيع حمايتها بالشكل الكافي، برغم تحالف "الناتو" الذي قادته ضد روسيا، هذا التحالف الذي لم يستطيع حتى زعزعة صورة بوتين، أو الإطاحة به، على الجانب الٱخر يواجه بايدن غضب شديد في الشارع الأمريكي، نتاح حالة التضخم التي تشهدها البلاد، ودافعوا الضرائب ساخطون على بايدن على خلفية إهدار الأموال الضريبية على تسليح ودعم أوكرانيا.

على جانب ٱخر هناك صورة قاتمه لا تبشر بخير لبايدن وإدارته، فالإستطلاعات التي تجريها بعض المؤسسات المعنية بهذا الشأن تفيد بتراجع حظوظ الديمقراطيين وتقدم الجمهوريين، ففي أحدث إستطلاع نشرته (fivethirtyeight) يفيد بأن الجمهوريبن يتقدمون في الإستطلاعات، وأن فرصهم بالفوز بالأغلبية باتت عالية جداً، هذا يعني أن التشكيلة الجديدة للكونغرس إذا حُسمت لصالح الجمهوريين ستقيد تحركات بايدن، وستقف عائقاً أمام مشاريع المساعدات المالية والعسكرية المقدمة لأوكرانيا، وهذا يعني أن "كييف" ستقع في ورطة كبيرة أمام الجيش الروسي، حيث أن هذا القرار سيكون له أثر بالتبعية على دول الناتو، لأنها ستحذو حذو واشنطن، وتوقف الدعم العسكري، او تقلصه على أقل تقدير،، ما يمنح روسيا مساحات اوسع لزيادة ضغوطها العسكرية، وهذا سيضع "كييف" أمام خيارين، إما الإستمرار في مواجه خاسرة ومدمره مع موسكو ، وإما الإضطرار للجلوس معها على طاولة التفاوض.

"التقارب الروسي الخليجي"


يبدو أن التطورات السياسية تفيد بأن الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة السعودية بات لديها قراءة جيدة ودقيقة للمشهد، ولطبيعة المٱلات، ومن غير المستبعد أن تكون هذه الدول قد بدأت برسم خيوط خارطة الإصطفاف الجديدة على هذا الأساس، في مقابل التوطئة التدريجية لفض الشراكة مع الحليف الأمريكي، الذي أصبح غير موثوق به بالنسبة لهذه الدول، وعلى خلفية الإعتقاد أن المكانة والهيمنة الأمريكية بدأت بالتلاشي لصالح محور جديد تتزعمه روسيا والصين ، في هذا الصدد قد يأتي ما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" بأن العلاقات الأمريكية السعودية بدأت في الذوبان، تأكيداً على ما سبق ذكره، وإنعكاساً للتوجهات الجديدة للرياض وبعض دول الخليج في أعقاب إدارة الظهر لرغبات الإدارة الأمريكية، وطلباتها.

(اوروبا والمستقبل المجهول)


بالنسبة لعلاقات الدول الأور بية مع الدول الخليجية والعربية، سيبقى بابها قائم ومفتوح، ولن يعتريها خلل بالقدر الذي سيعتريها مع امريكا يوماً ما، فهذه الدول إن لم تستفيق من غفوتها قبل فوات الأوان سوف تجد نفسها قد وقعت في فخ أمريكا الذي نصبته لهم، وسوف تشهد العواصم الأوروبية إحتجاجات كثيرة، وسوف
تتعزز خلافات النخبة السياسية وتطفو على السطح بشكل ملحوظ، ولن تحظى أوروبا لا بإستقرار إقتصادي ولا سياسي، لطالما بقيت رهينة الولايات المتحدة الأمريكية وإملٱتها .

أخيراً:


مما لا شك فيه أن العلاقات الروسية مع بعض دول الخليج، على رأسها السعودية تشهد تقارباً ملحوظاً ظهرت شواهده في سلوك الطرفين في الٱونة الأخيرة، لكن هذه التفاعلات لا تعني بالضرور أن المحور الروسي الجديد سيحتل في المدى المنظور مكانة الولايات المتحدة، ولا يعتي أن العواصم الخليجية على رأسها الرياض ستتخلى بالمطلق عن علاقتها مع الإدارة الأمريكية في الوقت الراهن، فهذا غير منطقي ولا يأخذ بالإعتبار صعوبة التشابكات والمصالح في قطاعات عديدة، مثل التسليح والتبادلات التجارية، والإقتصادية، والتعاون الأمني، والقواعد العسكرية...، لكن يمكن القول أن هذه التوجهات ستبقى قائمة في عقلية أصحاب القرار الخليجي والسعودي، وستبقى مبنبة على إستراتيجية المناورة والتوازن بين تطابق المصالح الٱنية والتوجهات المنظورة ، وستبقى عملية الإستبدال والانتقال من معسكر إلى معسكر مرهونة بعوامل الزمن والمتغيرات التي أرى أن ملامحها قد دُق ناقوسها .
 


تابعنا على هذه الصفحات

   👇👇👇👇👇     

       

  • Facebook
  • Facebook page
  • twitter
  • YouTube
  • Telegram
  •  

    ليست هناك تعليقات

    رأيكم مهم وهو دعم منكم لنا

    إعلان أول الموضوع

    إعلان وسط الموضوع

    إعلان أخر الموضوع

    Back to top button