انتخابات وكالة الغوث...دلائل ومؤشرات
بقلم:عبد المنعم إبراهيم
تاريخ النشر : 2009-03-31

نتائج الانتخابات التي أُعلنت مؤخرا في مجلس اتحاد العاملين بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين في قطاع غزة, والتي تم الإعلان فيها من ناحية عن فوز فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في تشكيل مجلس تنفيذي يطلق عليه "مجلس نقابات العاملين", وإعلان حركة حماس قبل أيام عن الفوز من ناحية أخرى,حيث ثار الجدل حول من سيشكل "المجلس التنفيذي" للعاملين على اثر الخلاف على مقعد العمال الذي كان من المقرر أن يُعاد التصويت عليه اليوم الاثنين 30/3/2009 ليحسم الأمر ,هذا المجلس الذي كانت حركة حماس تسيطر عليه على مدار ستة عشر عاما سبقت, هاهي نتيجة فرز الأصوات على مقعد العمال جاءت اليوم لتحسم الأمر,وتؤكد بأن فصائل (م-ت-ف)وفي مقدمتها حركة فتح هي صاحبة الحق في تشكيل هذا المجلس وتقطع الشك باليقن,لتفتح الباب أمام التحليل والتساؤلات لانعكاسات ومؤشرات هذه النتيجة ,ونتائج الانتخابات الأخرى التي جرت في السابق في محافظات الوطن الشمالية "الضفة الغربية" على الواقع السياسي الفلسطيني الداخلي ، من الناحيتين القانونية والسياسية,وعلى حركة "فتح" ,و حركة "حماس"وشعبيتهما في الشارع الفلسطيني , وان كانت تأتي هذه النتائج في سياق ثبات شعبية احدهما أم في تقدمها ,أم تراجعها ,وفي إطار هذا التحليل من الناحية القانونية والسياسية, واستنادا لنتائج الانتخابات التي حصلت في وكالة الغوث في غزة تحديدا ,وفي مؤسسات أخرى من محافظات الوطن الشمالية خلال هذا العام والعام المنصرم, والتي سجلت فيها حركة فتح فوزا كاسحا في نقابة الأطباء الفلسطينيين في ذات الشهر "مارس" في كبرى مدن الضفة الغربية حيث فازت القائمة بـ63 مقعد من اصل 68 مقعد,وفوز كاسحا لحركة فتح بجميع مقاعد الهيئة الإدارية في نقابة المهندسين الزراعيين في الضفة الغربية مؤخرا, وفوز كتلة الشهيد ياسر عرفات في انتخابات نقابة أطباء الأسنان في الخليل ,وفوز الشبيبة الفتحاوية في انتخابات مجلس طلبة البوليتكنك في الخليل أيضا, وفوز الشبيبة الفتحاوية بأغلبية مقاعد مجلس طلبة جامعة بيرزيت "22/4/من العام المنصرم 2008.سوف نتناول بالتفصيل كل من هذه الدلالات والمؤشرات .
الدلالة القانونية والسياسية :
أولا: فصائل المنظمة,وحركة فتح
* الدلالة القانونية :
هذا الفوز في كل هذه المواقع وغيرها من المواقع الأخرى مكن فصائل المنظمة وحركة فتح تحديدا وأعطاها حقا قانونيا في تشكيل مجالس هذه النقابات والهيئات والمؤسسات ,وأعطى انطباعا جازما لا لبس فيه بالتحول في القناعات لدى منتسبي هذه الطبقة بأنها باتت في اغلبها تفضل إعطاء الأصوات لجهة تستطيع قيادة ,ورعاية مصالحهم الوظيفية "منظمة التحرير ,وحركة فتح".
* الدلالة السياسية :
الفوز في هذه المواقع أعطى مؤشرات, ودلائل على صعيد:
أ- حركة فتح.
1-التأكيد القاطع والجازم على حضور حركة التحرير الوطني "فتح" الكبير في المؤسسات. 2- تسجيل دورا رياديا ,ومتقدما للحركة في العمل الجماهيري ,والنقابي,والمؤسساتي....والعديد من المواقع الاخرى.
3- التأكيد والالتفاف حول البرنامج السياسي للحركة ,والنهج الذي تتبعه في التعامل مع القضايا الوطنية والمدنية ,والمؤسساتية...., .
4-عرض القاعدة الجماهيرية للحركة رغم كل العواصف التي عصفت بها, وإنها ما زالت في تقدم .
ب- منظمة التحرير الفلسطينية .
1- رغبة الأغلبية من المجتمع الفلسطيني في التمسك بالبيت المعنوي والسياسي للشعب الفلسطيني(م-ت-ف) كمرجعية وطنية وسياسية.
2- التأكيد على الشريحة الواسعة من المجتمع التي تتبنى هذا النهج,وعلى حجم القاعدة الجماهيرية المؤيدة للبرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية ,ولجميع برامجها .
ثانيا : حركة حماس .
* الدلالة القانونية :
هذه النتائج في هذه المواقع سواء في الضفة الغربية ,أو في قطاع غزة أفقدت حركة حماس تفردها في تشكيل مجالسها ,مما يعني عدم مقدرتها على تمرير أي قرارات إدارية تخص هذه الطبقة ,وما يعني أيضا تراجع التأييد لها داخل هذه المؤسسات كراعية لمصالح منتسبيها .
*الدلالة السياسية .
1- أثبتت الانتخابات ونتائجها بأنها حلقة من حلقات تراجع شعبية حركة حماس في هذه المؤسسات بشكل خاص,وفي الشارع الفلسطيني بشكل عام ,
2- فقدان حركة حماس للعديد من مراكز القوة والارتكاز المهمة في مسيرتها السياسية ,والاجتماعية,والتنظيمية,والمؤسساتية .
3- النتيجة التي أقرت في وكالة الغوث في غزة ,وفي المؤسسات الأخرى في الضفة الغربية عكست بشكل دراماتيكي ومفاجئ مدي التحول في المزاج العام لموظفي هذا القطاع وهذه المؤسسات في قبول حركة حماس .
4-هي استكمالا للتحولات والتراجعات الأخرى السابقة للحركة"حماس" في المؤسسات الأخرى على مدار أكثر من سنتين في محافظات الوطن خاصة الشمالية منها" الضفة الغربية"وان كانت في بعضها بنسب متفاوتة ,إلا أنها تبقى لها مدلولاته السياسية, والاجتماعية, وانعكاساتها السلبية على حركة "حماس" ,حيث تعبر في مضمونها لهذه الشريحة أو غيرها من الشرائح سواء في قطاع التعليم ,أو الصحة, أو الخدمات ,أو غيرها, والتي تدلل أما على خسارة حركة حماس بالكامل في بعضها ,أو تراجعها في البعض الأخر .
5- تعبر عن عدم الرضى عن أداء حركة حماس,وعن عدم القناعة بالنهج والمسلك السياسي والمؤسساتي والاجتماعي للحركة لصالح الميل نحو منظمة التحرير الفلسطينية بجميع فصائلها وأحزابها وفي مقدمتها حركة فتح في ظل حالة الاستقطاب الحاصلة في الشارع الفلسطيني على اثر الأحداث التي عصفت به على مدار ثلاث أعوام خلت ,وما خلفته هذه الحالة من أثر نفسي ,وتراجع للمشروع الوطني,وإحباط الجمهور من تداعيات هذه الحالة التي لم يعد أثرها السلبي على طبقة بعينها بل وصلت لتمس جميع الشرائح في المجتمع, و كان لها الأثر السلبي على المزاج العام, مما أدى إلى هذه النتائج المتلاحقة من الخسارة لحركة حماس مع مرور الزمن واستمرار هذه الحالة واستشرائها,ما ينذر بالمزيد من الخسارة لها إذا ما استمرت هذه الحالة .
......................
إن قناعة الجمهور الفلسطيني بأغلبية أطيافه, وفي اغلب مؤسساته الذي ينادي بضرورة إنهاء حالة الانقسام ,والخروج من الحالة المأساوية التي يعيشها الجميع ,وينادي باحترام إرادة الشعب,إنما جاءت هذه الإرادة لتجسد المعنى الحقيقي لمعاني الوعي والفهم ,والإدراك الفلسطيني وتعكس المزاج العام للمواطن الفلسطيني والتي تتمثل في مثل هذه الانتخابات ,وتبين بأنها بمثابة استفتاء عام للمشروع الوطني ,وللمشروع السياسي الذي تمثله منظمة التحرير ,ورائدتها "حركة فتح" التي مازالت تتمتع بأغلبية ساحقة فيها ,وفي الشارع الفلسطيني , وهي أيضاً رسالة ,ومؤشرات من الجمهور الفلسطيني للفصائل المجتمعة في القاهرة بضرورة الإسراع في التوصل إلى اتفاق يتوج بحكومة فلسطينية مؤقتة تكون قادرة على فك الحصار المفروض على غزة,وتهيء لانتخابات برلمانية ورئاسية جديدة يقول فيها المواطن الفلسطيني كلمته للخروج بحكومة فلسطينية تكون قادرة على التعامل والتواصل مع العالم العربي ,ومع المجتمع الدولي ,وتكون قادرة على تحقيق المصالح الوطنية الفلسطينية .
الكاتب/عبد المنعم إبراهيم
تنوية :من أرشيف مقالاتي
هذا المقال نُشر بتاريخ
رأيكم مهم وهو دعم منكم لنا