الكاتب والباحث / عبد المنعم إبراهيم
عقب تولي " ترامب "مقاليد الحكم الأمريكي في العام 2016 , تفاخر رئيس الوزراء
الإسرائيلي " نتنياهو"، بأنه كان من أوائل قادة العالم الذين اتصل بهم الرئيس " ترامب ",وما
من شك بأن ذلك الإتصال , سيما وأنه من رئيس أقوى دولة في العالم ,وبالقراءة
السياسية قد شكل مؤشر دعم وأسناد لنتنياهو وحكومته ,هذا فضلا عن الدعم المطلق الذي
تلاه على مدار أربعة سنوات, الا أن ملامح هذا الدعم وهذه العلاقة باتت على المحك
,مع مغادرة الحليف لسدة الحكم ,فأولى هذه الملامح
تكمن في تمني " نتنياهو " اتصالا
من الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن , الذي رفض مكالمته حتى اللحظة بذريعة إنشغال بايدن
بالقضايا الأمريكية الداخلية ,على الرغم
بأن الرئيس الأمريكي الجديد ,كان قد أجرى العديد من الإتصالات مع قادة العالم , ليعطي
هذا التأخير ,أو (التمنع ),إذا جاز التعبير انطباعا بأنه يخفي خلفة رسائل موجهة .
لا يعني تأخر إتصال الرئيس
الامريكي " جو بايدن "أو رفضة الحديث حتى اللحظة مع رئيس الوزراء
الإسرائيلي " بنيامين نتنياهو " ، مؤشرا على القطيعة مع إسرائيل كدولة
حليفة ,أو تغيير في السياسات الامريكية تجاهها ,فالعلاقات القائمة بين البلدين هي
علاقات إستراتيجية ومتينة منذ قيام دولة الكيان ,قائمه على مصالح مشتركة ,في منطقة الشرق الأوسط,,الا أن هناك أسباب مختلفة قد تُعزى لهذا التأخر ,من ضمنها التوجهات
الشخصية المتباينة لكلا الرجلين (بايدن –
نتنياهو ),فنتنياهو بادئ الأمر كان قد
تلكا في تهنئة " بايدن "عندما اعلن فوزه في اول خروج له مع نائبته كاملا
هارس قبل تصديق الكونغرس على الفوز،وقد جاءت تهنئة نتنياهو" الرسمية " عندما
ثبت الفوز بالقين ,بتصديق الكونغرس عليه , وهذا بالقراءات السياسية ,والعرف
الدبلوماسي له دلالات ,,, ربما أراد بايدن أن يرد الصاع لنتنياهو على خلفية تلكؤه ,وربما
أراد كذلك أن يظهر نتنياهو بحجمه الحقيقي, فضلاً عن ذلك هناك أسباب أخرى تتعلق
بموقف رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو من الحزب الديمقراطي ذاته , الذي ينتمي
اليه بايدن ,فنتنياهو كان قد أظهر معارضة سابقة لسياسات الحزب الديمقراطي في عهد
الرئيس الأمريكي السابق باراك اوباما – حين كان بايدن انذاك في منصب نائب الرئيس, وفي
لحظة ما (أنذاك ) كان نتنياهو قد إستبق زيارة بايدن لإسرائيل والأراضي الفلسطينية
- مارس 2010 كنائب للرئيس اوباما بالإعلان عن بناء 1600 من الوحدات الاستيطانية, في
القدس,حيث أُعتبر ذلك الإعلان بمثابة تحد للجهود
الأمريكية ,فضلاً عن كونه شكل إحراجاً لبايدن .
فضلاً عن ذلك ,فقد أعلن نتنياهو,قبل أقل من 10 أيام من تولي جو بايدن السلطة ببناء
800 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات بالضفة الغربية,بالإضافة الى طرح حكومتة مناقصات لبناء أكثر من 2500 وحدة سكنية
استيطانية جديدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية ، عشية أداء جو بايدن اليمين الدستورية.
في خطوات أُعتبرت عراقيل امام سياسات ادارة بايدن,التي هي بالاساس تعارض الاستيطان
,وفي هذا السياق , وفي ذات السياسة ,وعدم رضى الحزب الديمقراطي عن سياسات نتنياهو
,فقد أمتنعت إدارة اوباما ( الديمقراطية ) عن إستخدام " الفيتو " في
مجلس الأمن ,ضد القرار رقم 2334,الذي أدان الاستيطان نهاية العام 2016, ما قد يكون سبباً في تشكل سياسة
نتنياهو الصدامية تجاه الديمقراطيين .
هناك أسباب اخرى تُعزى لذلك ,وقد تكون سبباً في خروج نتنياهو من حسابات الادارة الامريكية الجديدة , أحدها ‘ اعتراض حكومة نتنياهو على توجهات أدارة بايدن بالعودة للاتفاق النووي مع إيران ,وإعادة إحيائه حسب إتفاق " 2015" ,حيث أن سياسات الحزب الديمقراطي تتبنى سياسة الإنفتاح ,بالمقابل نتنياهو انتهج سياسة صدامية مع الحزب الديمقراطي الأمريكي فيما يخص هذا الملف,وسعت الى تحريض الإدارة الأمريكي بالتخلي عنه, بل حرضتها على الدوام على توجيه ضربة عسكرية لمشروع ايران النووي , في جانب أخر من جوانب "الشقاق " المتوقع ,واختلاف السياسات والتوجهات, ,ومن الأسباب التي تنبيء بتوقف الدعم والمساندة لنتنياهو شخصيا ,وهو ملف عملية السلام مع الفلسطينيين والحديث عن إحياء هذا الملف على قاعدة حدود الرابع من حزيران 1967،فالحزب الديمقراطي يعارض عملية الاستيطان في الاراضي الفلسطينية,وإدارة بايدن الحالية تسعى لتحريك ملف العملية السلمية مع الفلسطينيين,وهذا ما لا ترغب به حكومة نتنياهو ,وتعارضه, ما يعني إختلاف حكومة نتنياهو مع الرؤى والسياسات التي تنوي إ
دارة بايدن إتباعها ,ما يشكل لها إزعاج .اليوم نتنياهو، على مشارف
خوض انتخابات برلمانية جديدة في الثاني والعشرين من شهر مارس/ آذار المقبل، وهو
بحاجة لدعم ومساندة إدارة الرئيس الأمريكي " بايدن " في جولتة
الإنتخابية القادمة ,ومن المؤكد هو بحاجة ماسة
لهذا الاتصال أكثر من أي وقت مضى, ولكن على ما يبدو بأنه لن ينال ذلك,ومن
المتوقع أن يحظى خصومة بدعم الإدارة
الأمريكية الجديدة ,وبذلك يكون نتنياهو قد خسر الجوله,وخرج من المشهد السياسي الإسرائيلي
الحاكم ,ولحق بحليفة السابق ( ترامب ) .

رأيكم مهم وهو دعم منكم لنا