وصف المدون

إعلان الرئيسية

 




مناورات عسكرية في ظروف حرجة وتوقيت حساس

" رسائل الخصوم " 


الكاتب والباحث / عبد المنعم إبراهيم


بالأمس القريب ,وتحدياً في مطلع هذا الشهر نفذت إسرائيل مناورة عسكرية على  أطراف 

هضبة الجولان ,استمرت أربعة أيام قالت حينها بأنها تهدف لرفع الكفاءة والحفاظ على 

جهوزية القوات., واليوم الفصائل الفلسطينية مجتمعة في قطاع غزة تنفذ مناورات عسكرية 

لمدة يومين ,تقول: بأنها محاكاة لحرب محتملة على غزة .

بعيداً عن الدخول في قراءة المشهد ,والخوض في تفاصيلة  من الناحية العسكرية لكلا 

الجانبين ,او المفاضلة بينهما من الناحية اللوجستية والاستعدادات, والقدرات ,والرسائل 

العسكرية التي دأب اليها الكثير من المحللين وتعمقوا فيها ,هناك قراء سياسية لابد من 

تناولها في ظل الظروف الدولية الراهنة السياسية الإقليمية .

بالنظر الى التوقيت التي جاءت فيها المناورات في كلا الجانبين,سيما وان الفارق الزمني 

بينهما قريب جدا لا يتعدى شهر من الزمان,وبالنظر الى الحالة الإقليمية والدولية , يمكن 

القول بأن الظروف المحلية والإقليمية – الدولية تشهد تطورات وأحداث متسارعة, تشي 

بان المشهد السياسي في المنطقة والعالم ذاهب باتجاه التغيير , وستعقبه تغيرات في 

العلاقات والأحداث الدولية ,وتغيير في السياسات ,ورموز الحكم , وهنا لا بد من قراءة 

المشهد من زاويتين :.

الزاوية الأمريكية :.

الحالة التي سادت في عهد الرئيس المنتهي الولاية " دونالد ترامب " لن تكون ما بعد 

مغادرته  سدة الحكم , سيما وأن الانتخابات الرئاسية التي جرت في الولايات المتحدة 

الأمريكية مؤخراً, أسفرت عن اعلان فوز المرشح" جو بايدن",الذي أعلن عن نيته الانفتاح 

على العالم ,واعتماد سياسة مخالفة لسياسة سلفة  "دونالد  ترامب "الذي أعلن في عهده من

 ناحية خصومة وصدام مع العديد من الدول ,وقلب معيار العلاقات رأساً على عقب, وتحلل

 من العديد من الاتفاقات الدولية ,ليربك المشهد برمته ,بالمقابل أعلن الولاء والتحيز المطلق

 لحكومة  ( الحليف ) رئيس الوزراء الإسرائيلي " نتنياهو"," وبعد أن أيقن "ترامب" 

خسارتة راح يبدي رغبتة  في أيامه الأخيرة بفتح جبهة صدام مع إيران ( توجيه 

ضربه),مع الإشارة الى أنه كان قد لوح  بذلك في فترة سابقة , لكن بعض جنرالاته 

العسكريين ,والأمنيين نصحوه بعدم الذهاب بهذا الاتجاه لأسباب عدة , الا أنه ما زال 

يرغب في هذا التوجه, وهنا يمكن القول  بأن " ترامب " يأبى الخروج من المشهد 

 السياسي مكسوراً, فما زال  يبدي الرغبة في فعل شيء يخرجه من المشهد السياسي كما 

يقول المثل بـ " بياض الوجه ",مع العلم أن ما تبقى له من وقت لا يتعدى عشرين يوماً 

,والكثير من الأسئلة تطرح حول الفائدة التي قد يجنيها من ذلك لو فعلها ,الا ان هذا التوقيت 

بكل الأحوال والاعتبارات  يبقى خطيراً جداً ( الوقت الضائع), مع الإشارة الى انني كنت 

في مقال سابق قد ذكرت الأسباب التي تحول دون قيام " ترامب " على فعل ذلك " , الا أن

 ( الفترة الانتقالية ) ممكن أن تفاجئ الجميع ,وقد تقلب كل التوقعات .

الزاوية الإسرائيلية :.

ما من شك بأن حكومة " نتنياهو"  في وضعها السياسي الراهن لا تختلف كثيراً عن وضع إدارة ومستقبل الرئيس الامريكي  منتهي الولاية " دونالد ترامب " حيث أنها تمر بأزمة سياسية حانقة ,وتلفظ أنفاسها الأخيرة, كما يلفظ " ترامب " أنفاسه كذلك , فائتلاف حكومة نتنياهو  يتفكك ,ويشهد حزبه استقالات متتالية ,وقضايا الفساد تطارده, والمتظاهرين  الإسرائيليين يخرجون يومياً بالألاف  الى الشوارع يطالبون بتقديم استقالته ,وتقديمة للمحاكمة ,حيث بات  في حكم " المنتهي" سياسياً , وبالنظر الى الفارق الزمني بين حكم نتنياهو  راهناً , وخروجه من المشهد السياسي  الذي لا يتعدى شهرين إذا ما تمت الانتخابات الإسرائيلية في شهر مارس القادم, يمكن القول بأن هناك تشابه كبير ,إن لم يكن متماثل تماماً من حيث الفترة الزمنية ,والحالة السياسية مع حليفة " ترامب " فالاثنان على موعد مغادرة الساحة السياسية ,ومن المحتمل أن يقدم " نتنياهو " على شن عدوان على غزة ,مستغلاً " الوقت الضائع " تماماً  في حالة مشابهة مع إيهود أولمرت في العام 2008 , عندما شن  الحرب على غزة مستغلاً الوقت الضائع ,والمتغير على الساحة الأميركية .

    أمام هاتين الحالتين المتشابهتين  تأتي رسائل المناورات على الجبهتين   

البعض يراها بأنها رسائل متعددة الاتجاهات , تعبر بداية عن الفعل  المشترك والموحد  لكافة  أجنحة الفصائل الفلسطينية  المسلحة ( جبهة موحدة ) ,والبعض فسرها على أنها محاكاة لحرب محتملة على قطاع غزة, وقد يبدو  هذا التفسير سليم الى حد كبير جداً ,وأضاف أخرون بأنها رسائل في زمن " التطبيع" ,واخرون رأوها رسائل لرفع الحصار عن غزة ,وهذا قد يبدو غير منطقي , وأخرون فسروها بتفسيرات مختلفة .

لو أمعنا النظر في حالتي المناورات على الجبهتين(الفلسطينية والاسرائيلية) مع عدم 

استبعاد فرضية المواجهة ,وذلك للظروف أنفة الذكر , فـ( المناورات الإسرائيلية ) قد 

جاءت من حيث التوقيت بالتزامن مع ذكرى اغتيال  اللواء الإيراني  قاسم سليماني قبل عام 

, تحديداً في 3 يناير 2020,لتعبر عن الخوف الإسرائيلي من ردة فعل ايرانية في ذكرى 

الاغتيال, هنا كأنما أرادت حكومة " نتنياهو" إيصال رسائل لقادة إيران بأن إسرائيل

 حاضرة وجاهزة للتعامل والرد على أي فعل إيراني انتقامي " تحذير", أما بالنسبة لـ

( مناورات الفصائل الفلسطينية ) أرى بأنها قد  جاءت على وضعيتين من حيث التوقيت 

والحالة .

الوضعية الاولى:.  جاءت بالتزامن مع ذكرى الحرب على قطاع غزة في عام 

2008,والمخاوف الفلسطينية من إقدام حكومة " نتنياهو " على شن هجوم مباغت على 

قطاع غزة, وهنا كأنما أرادت الفصائل الفلسطينية إيصال رسائل الاستعداد والجهوزية

 , وأكثر ما ميز هذه المناورات بأنها جاءت لأول مره مشتركة ومؤكدة على وحدة الموقف 

والصف الفلسطيني المقاوم , وربما هذا أحد أقوى الرسائل التي تحملها  .

الوضعية الثانية : مخاوف الفصائل الفلسطينية من إقدام حكومة نتنياهو" على نفس الفعلة 

( هجوم مباغت ) في أيام حكمة  السياسي الأخيرة ,اعتقادا منه بأنها قد تسعفه في الخروج

 من ورطته السياسية بوجه مشرف ,إن لم تسعفه  في الانتخابات القادمة , في حالة  تتشابه

 مع حالة " ترامب " , فكلاهما مأزوم ومغادر , ويبحث عن مخرج مشرف من الحلبة

 السياسية .

أخيراً :

اود القول: بأن الفترة  الزمنية  للمشهد السياسي على الساحتين , الإسرائيلية ,والأمريكية 

,هي فترة " إنتقالية "  حرجة , وتوقيت  التغيير فيها حساس جداً , تفرض الحكمة  في

 التعاطي مع الحالة ,وتفويت الفرص ,وعدم إعطاء المسببات لما لا يحمد عقباه , مع 

الاحتفاظ بحق الدفاع عن النفس,,, وهنا أود استعارة ما قالة الخبير الصيني الاستراتيجي 

" سون تزو": ( لا يعتبر النصر مائة مرة في مائة معركة ذروة البراعة، ولكن قمة 

المهارة 

تكمن في هزيمة العدو من دون خوض حرب ) .



ليست هناك تعليقات

رأيكم مهم وهو دعم منكم لنا

إعلان أول الموضوع

إعلان وسط الموضوع

إعلان أخر الموضوع

Back to top button